نداء للاعبي الأهلي .. لستم مجرد لاعبين، ولكنكم أطباء متخصصين

انضمت لإحدى الجامعات الأمريكية، تفوقت كالمئات والآلاف من أبناء مصر، اكتسبت ثقة أساتذتها وزملائها وزميلاتها، ونالت إعجابهم واحترامهم، وفجأة انقلب الحال، وتغيرت النفوس وتبدلت المشاعر.

م تعد هناك صداقة، اختفت الزمالة، تاهت المشاعر، ماتت العدالة، امتلأت الدنيا صراخا وضجيجا، الأشباح في كل مكان، الظلام أصبح هو العنوان، وأصبحت تلك الفتاة منبوذة من الجميع، كل جريمتها أنها مسلمة، مصرية، عربية.

انتفضت العنصرية داخل قلوب الأمريكان بعد الحادي عشر من ديسمبر، نظروا إليها باحتقار، ابتعدوا عنها، وتعالت نفوسهم المريضة عليها، أشعروها أنها كالمريض الأجرب الذي يفر منه الآخرون، فكانت الصدمة، وكانت الحسرة، فقدت بنت النيل الصداقة والزمالة والمحبة والاحترام، ففقدت الثقة في الحياة، وفقدت الرغبة في كل شيء، ولفظت أمعاؤها كل طعام تأكله، أي طعام تأكله، كانت تلفظه كأنه غريب عنها، ذبُلت الفتاة، نحُـفت، مرضت، وهُنَ جسدها، أصبحت هيكلا من العظام، دار بها والدها على كبار الأطباء في أمريكا، في أوروبا، فشل كبار الأطباء، وظلت تلك المسكينة حبيسة الجدران، تعيش على المعلقات من الجلوكوز، حتى أصبح وزنها خمس وعشرون كيلو جرام، وزن طالبة في الجامعة، لم تعد لديها رغبة في الحياة بعد أن تحولت الصداقة إلى عداوة، والمحبة إلى كراهية، والاحترام إلى احتقار، كل ذلك دون ذنب جنته، كل ذلك لأنها مسلمة مصرية عربية.

وظلت تلك المسكينة تتألم بداخلها، يعتصر قلبها الألم من تلك الصدمة، تمر عليها الأيام كأنها الدهر كله، وهكذا تمر عليها الشهور والسنوات بطيئة مملة قاسية مؤلمة لفتاة في ريعان شبابها، كانت ترى الحياة جميلة مشرقة والمستقبل أمامها مزدهر بالنجاح والتفوق، كم كان هذا مؤلما لها ولوالديها وإخوتها، أن يرو ابنتهم تموت أمامهم في اليوم عشرات المرات بعد أن كانت شعلة من النشاط والتفوق.

لم تعد ترى في الحياة ما يستحق أن تعيش من أجله، اكتست الحياة بالأشباح والظلام، أصبح كل عالمها لون واحد هو الأسود.

حتى كانت بطولة الأمم الإفريقية 2006 وفوز مصر، عندها رأت تلك الفتاة بريقا من الأمل على ضفاف النيل، لاحظ والدها ذلك، ولكن ماذا سيفعل ذلك الأب المسكين بعد أن انتهت تلك البطولة ؟ لم يجد في مصر ما يمكن أن يحدث به ابنته، سوى الأهلي، نعم إنه الأهلي، نادي القيم والمبادئ والبطولات ،صانع السعادة.

انبهرت الفتاة بانتصارات الأهلي وبطولاته، بدأت تدب فيها روح الأمل في الحياة من جديد، لم تعد الدنيا مظلمة، لم تعد سوداء، هناك اللون الأحمر، هناك رجال، هناك أبطال، هناك عنوان للآمال، هناك الأهلي، هناك لاعبوا الأهلي يقدمون بلسم الشفاء الذي عجز عنه كل الأطباء، يقدمون البسمة للقلوب الحزينة، قدموا لها الانتصارات والبطولات، فرحت، بدأت تزدهر مشاعرها، وتثمر حواسها، فبدأ جسمها ينمو من جديد، أصبحت ترى لونا أحمر بلون فانلة الأهلي، ولونا ذهبيا بلون بطولات الأهلي، ولونا أبيض بلون الأمل في انتصارات جديدة يحققها رجال الأهلي.

أرأيتم يا رجال الأهلي أنكم لستم مجرد لاعبين، ولكنكم أطباء متخصصين، أنتم صانعي البسمة على شفاه المرضى والمساكين، قلوب المئات والآلاف وربما الملايين من المرضى والبؤساء تتعلق بأقدامكم الذهبية، حفظكم الله من كل شر، حافظوا على هذا الأمل، حافظوا على هذا الضوء الجميل الذي يبعث الحياة في قلوب مزقتها الآلام، ودمرتها العنصرية، وشردتها الأحوال الاقتصادية، وضاع الأمل بعد أن عم الفساد في كل مكان، لم يبق أمام هؤلاء المرضى والبؤساء إلا أمل واحد، هو بلسم الجراح، ماسح الأحزان، نسمة تهفو على القلوب وسط مناخ خانق فاسد.

يا أطباء القلوب الحزينة، يا بسلم الجراح، يا رجال الأهلي، ننتظر منكم الدواء، ننتظر منكم نسمات، ضياء .. آمال .. أحلام .. إنها لديكم، لا تتركوها تضيع، فتضيع معها أمال البؤساء، إنها أميرة البطولات .. نحبها .. نعشقها .. نهواها .. كلنا .. أصحاء ومرضى، كبار وصغار، نساء ورجال، شيوخ وشباب، ننتظر الدواء .. وأنتم .. لستم مجرد لاعبين، بل أطباء متخصصين، لستم مجرد لاعبين، بل صانعي البسمة للمحبين، لستم مجرد لاعبين، بل أبطال يكتبون التاريخ من جديد، لستم مجرد لاعبين، بل عمالقة يصنعون مجدهم على قمة التاريخ.

فلا تتركوا أنفسكم لأهواء المضلين، وتضيع جهودكم وجهود المخلصين، ويشمت فيكم صغار فاسدين، ويفرح أعداء النجاح العاجزين، لا تتركوا القمة تضيع، إذا لم تكن من أجل الأهلي فمن أجل المصريين، لا تتركوا القمة تضيع، فتنهار من تحتها قلوب الملايين.

لستم مجرد لاعبين، بل أطباء وجراحين، أنسجوا خيوط العنكبوت لتصطادوا نجوم الساحلي، إن كان هو نجم، فالأهلي نجوم ، إن كان ساحلي فأنتم الصيادين، آه لو أخذوا أميرتنا، ستتوقف قلوب الملايين، وتظلم سماء القاهرة أيام وسنين.

بالله عليكم لا تنسوا مشرط الجراحين، بالله عليكم لا تنسوا بلسم المرضى المعذبين .، بالله عليكم كلنا لليابان مشتاقين.